Noor Rmoo
Noor Rmoo
Noor Rmoo
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى ثقافي@ رياضي@ترفيهي@نرجو ان ينال اعجابكم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
الأدارة  :  أهـلاً   وسـهـلاً   نـورتـو  مـنـتـداكـم   الـغـالـي , بـمـشـاركـتـكـم   وأقـتـرحـاتـكـم   يـزدهـر   مـنـتـدانـى .......
www.syrchat.com/login.php?room=5582

 

 اول من صنع الخمر روايا من لادب الروسي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
bave lava
المدير العام
المدير العام
bave lava


عدد المساهمات : 308
تاريخ التسجيل : 02/02/2010
العمر : 36
الموقع : سوريا محافظد الحسكة

اول من صنع الخمر         روايا من لادب الروسي Empty
21022011
مُساهمةاول من صنع الخمر روايا من لادب الروسي

أول من صنع الخمر
تألیف :تولستوي
ترجمة وتقدیم: د. فوزي عطیة محمد
مراجعة: د. سمیة عفیفي
الفصل الأول
المشھد الأول
الفلاح: (یحرث الأرض، ینظر إلى أعلى) ھا ھو النھار قد انتصف، وآن أوان فك الحصان من المحراث..
(مخاطباً الحصان) ھیا تحرك. لقد أضناك العمل یا عزیزي. لم یبق أمامنا سوى شق ھذا الخد الأخیر والعودة من
ھناك ثم تناول الغداء. حمداً لله.. لقد أحسنت صنعاً أن أخذت معي شقة خبز، ولذا لن أذھب إلى البیت للغداء،
وسآكل عند البئر ثم أغفو بعضالوقت، أما حصاني الكمیت، فلیرع في العشب، وبعد ذلك نتوكل على الله ونعود
إلى العمل.. سأنتھي من حرث الحقل مبكراً بإذن الله.
المشھد الثاني
)یظھر شیطان صغیر ویسرع نحو الشجیرة التي یضع الفلاح تحتھا حاجیاتھ(
الشیطان: یا لك من رجل طیب! لا یتوانى عن ذكر الله.. إذن مھلاً .. مھلاً .. سوف لا تتوانى عن ذكر الشیطان
كذلك..! سأسلبھ شقة الخبز.. وحین یمد یده لیتناولھا لن یجدھا، ویبدأ البحث عنھا ، ویشتد بھ الجوع، وعندئذ
سیسب ویلعن ویأتي ذكر الشیطان على لسانھ (یسرق شقة الخبز، ویجلس خلف شجیرات أخرى في انتظار ما
سیفعلھ الفلاح(
الفلاح: (یفك شدادتي الحصان) اللھم بركاتك!.. (یحرر الحصان من المحراث ویطلقھ ثم یتجھ نحو قفطانھ) لقد
نقت عصافیر بطني! لقد قطعت لي زوجتي شقة كبیرة من الخبز، ولا شك أنني سآكلھا عن آخرھا من فرط
الجوع (یقترب من القفطان) أین شقة الخبز؟!.. لا وجود لھا! ربما أكون قد غطیتھا بالقفطان؟) یرفع القفطان) لا
أثر لھا ھنا كذلك.. ھا ھو شيء ما.. (ینفضالقفطان.(
الشیطان : (من وراء الشجیرة) ھا ابحث كیفما شئت!.. ھا ابحث.. ھا ھي ذي (یجلس على شقة الخبز.(
الفلاح: (یرفع الأخشاب التي تسند المحراث ثم ینفضالقفطان مرة أخرى) أمر عجیب! عجیب حقاً.. لم یظھر
مخلوق واحد ھنا، ورغم ذلك اختفت شقة الخبز! لو كانت الطیور قد التقطتھا، لتناثرت فتات الخبز دون شك،
ولكن لا أثر ھنا لفتات بالمرة.. عجباً.. لم یأت إلى ھنا أحد بالمرة، ومع ذلك فإن أحداً أخذھا دون شك.
الشیطان: (ینھضوینظر إلى الفلاح) ھا سیأتي ذكري على لسانھ الآن.
الفلاح: یبدو أنھ ما بالید حیلة.. لن أموت جوعاً.. إذا كان أحدھم قد أخذھا فلیأخذھا.. ولیأكلھا ھنیئاً مریئاً.
الشیطان: (یبصق) تباً لك أیھا الفلاح اللعین!.. بدلا من أن یسب ویلعن.. یقول.. ھنیئاً مریئاً! ما من شيء یمكن
عملھ معھ.
)یرقد الفلاح للنوم، یرسم علامة الصلیب ویتثاءب ثم یستغرق في النوم(
الشیطان: (یخرج من وراء الشجیرة) والان كیف الحال یا كبیر الشیطاطین؟! ھا لقد بذلت كل ما في وسعي.. لا
یتوقف كبیر الشیاطین عن تردید قولھ: إنك لا تأتي إلي في الجحیم إلا بالقلیل من الفلاحین. ھا انظر كم من التجار
والقسس یَصلُونَ كل یوم، أما الفلاحون ، فعددھم قلیل.. وما العمل یا كبیر الشیاطین؟ ھل لك أن تخبرني.. كیف
یمكن ترویضمثل ھذا الفلاح؟ ما من مدخل یمكن اغواؤه منھ. وھل ھناك أفضل مما فعلت؟ لقد سرقت آخر شقة
خبز لدیھ، ومع ذلك لم یسب ولم یلعن. لا أدري ما الذي علي أن أفعلھ الآن؟!.. سأذھب وأقدم تقریري إلى كبیر
الشیاطین.
)یختفي(
-ستار-
الفصل الثاني
)الجحیم(
یجلس كبیر الشیاطین في مكان الصدارة، ویجلس كاتب الشیاطین بأسفل إلى مكتب علیھ أدوات كتابیة. یقف
الحراس على الجانبین. على الیمین خمسة شیاطین مختلفي الأشكال، وعلى الیسار یقف الحاجب عند الباب. یقف
شیطان متأنق الملبس أمام كبیر الشیاطین مباشرة.
الشیطان المتأنق: یبلغ إجمالي ضحایاي ٢٦٣٧٥٣ فریسة خلال ثلاث سنوات.. وكلھم الآن تحت سیطرتي تماماً.
كبیر الشیاطین: حسناً شكرا لك.. انصرف.
)یبتعد الشیطان المتأنق ویتجھ ناحیة الیمین(
كبیر الشیاطین: (مخاطبا الكاتب) لقد تعبت.. ھل بقي ھناك الكثیر من الأعمال؟ من ومن الذي قدم لنا تقریره ومن
الذي لم یقدمھ بعد؟
الكاتب: (یعد على أصابعھ ویشیر مع العد إلى الشیاطین الواقفین على الیمین .ینحني كل شیطان حین یذكر اسمھ)
تلقینا من شیطان السادة تقریره.. لقد أغوى 1836 فریسة، وتلقینا من شیطان التجار تقریره، وأغوى ٩٦٤٣
تاجراً، وتلقینا من شیطان القسس تقریره، وأغوى ١٥١٧ قسیساً، وتقدم شیطان الرھبان بتقریره، وأغوى ١١٢
راھباً وراھبة، ثم كان تقریر شیطان القضاة ، وأغوى ٣٤٢٣ قاضیاً، واستمعنا بعد ذلك إلى تقریر شیطان النساء،
وأغوى ٢٦٣٧٥٣ فریسة من بینھا 186315 امرأة متزوجة و ١٧٤٣٨ فتاة.. ولم یبق سوى اثنین من الشیاطین:
شیطان موظفي المصالح الحكومیة وشیطان الفلاحین.
كبیر الشیاطین: یبدو أنھ ینبغي الانتھاء من التقاریر الآن (مخاطباً الحاجب) أدخل التالي!
)یدخل شیطان موظفي المصالح الحكومیة وینحني محییاً كبیر الشیاطین(
كبیر الشیاطین: ھا كیف الأخبار؟ كیف تسیر أحوالك؟
شیطان موظفي المصالح الحكومیة: (یضحك طول الوقت ویفرك یدیھ حبوراً) بصفة عامة.. أحوالي لا تسر عدواً
ولا حبیباً، ولكن الفریسة ھذه المرة لا أذكر لھا مثیلاً منذ بدء الخلیقة..
كبیر الشیاطین: أفھم من ھذا أنك أغویت عدداً كبیراً؟
شیطان موظفي المصالح الحكومیة: لیست الأھمیة في العدد.. فرغم أن العدد قلیل.. وھو ١٣٥٠ إنسیاً فقط، إلا
أنھم رجال بمعنى الكلمة.. نعم رجال یستطیعون حمل المسئولیة نیابة عن الشیاطین.. رجال قادرون على إیقاع
الناس في أحابیلھم أفضل من الشیاطین أنفسھم.. لقد علمتھم موضة جدیدة.
كبیر الشیاطین: وأي موضة جدیدة ھذه؟
شیطان موظفي المصالح الحكومیة: الموضة التالیة.. كان الموظفون فیما سبق سبق یخدعون الناس تحت إشراف
القضاة، أما الآن فقد علمتھم العمل وحدھم ..بصفة مستقلة عنھم.. وأصبح من یدفع لھم أكثر یلقى المزید من
اھتمامھم وسعیھم.. انھم یبذلون لمن یدفع لھم قدراً من الھد لدرجة أنھم یعملون من الحبة قبة لیكسبوا من وراء
ذلك.. انھم یوقعون الناس في شراكھم أفضل بكثیر من الشیاطین..
كبیر الشیاطین: حسناً سأتحقق من ھذا بنفسي ھیا.. انصرف .. (یتجھ شیطان موظفي المصالح الحكومیة ناحیة
الیمین(
كبیر الشیاطین: (مخاطباً الكاتب) ادخل الأخیر!
)یدخل شیطان الفلاحین ممسكاً بشقة الخبز. یركع أمام كبیر الشیاطین(
شیطان الفلاحین: لا أستطیع العیش بعد الان.. أرجوك أن تعینني في مكان آخر..
كبیر الشیاطین: أعینك في مكان آخر؟! ما ھذا الھراء الذي تھذي بھ؟! انھضوتحدث كما ینبغي أن یكون علیھ
حدیث العقلاء.. ھیا تقدم بتقریرك.. ھل أغویت الكثیر من الفلاحین خلال ھذا الأسبوع؟
شیطان الفلاحین: (یبكي) .. لم أغوِ فلاحاً واحداً!
كبیر الشیاطین: ماذا تقول؟ لم تغوِ فلاحاً واحداً؟! كیف لم تغوِ فلاحاً واحداً؟! ماذا إذن كنت تفعل؟ أین إذن كنت
تتسكع؟
شیطان الفلاحین: (یشكو باكیاً) لم أكن أتسكع على الإطلاق.. كنت أبذل كل ما في طاقتي طول الوقت، ولكني لم
أستطع تحقیق شيء.. ھا قد سرقت شقة الخبز الأخیرة لدى أحدھم وأمام عینیھ، ومع ذلك لم یسب أو یلعن، بل
تمنى لمن أخذھا أن یاكلھا ھنیئاً مریئا.
كبیر الشیاطین: ماذا تقول؟ ما ھذا الذي تتمتم بھ؟ ھیا تمخط وأفصح، فمن الصعب تمییز ما تقول.
شیطان الفلاحین: الحكایة أن فلاحاً كان یحرث الأرض، وكنت أعلم أن لدیھ شقة خبز ولا شيء غیرھا لیأكلھ،
فقمت بسرقة شقة الخبز ھذه. وكان المفروضأن یلعن ویسب.. ولكن ما الذي حدث؟ لقد قال .. فلیأكلھا من أخذھا
ھنیئاً مرئیا.. وھا أنا قد جئت بشقة الخبز.. ھا ھي..
كبیر الشیاطین: حسناً فیما یتعلق بأمر ھذا الفلاح.. وكیف الحال بالنسبة للآخرین؟
شیطان الفلاحین: كلھم على ھذا النحو.. لم أستطع إغواء فلاح واحد.
كبیر الشیاطین: كیف تجرؤ على العودة إلي خالي الیدین؟ والأدھى من ذلك تجيء لي بشقة خبز لا تساوي قشرة
بصلة.. ھل قررت السخریة مني؟ ھھ؟ أترید أن تأكل العیش في الجحیم مجاناً؟ الآخرون ھنا یبذلون كل جھدھم
ویسعون في عملھم. ھا ھم (یشیر إلى الشیاطین) منھم من أغوى ١٠٠٠٠ ، وآخر أغوى ٢٠٠٠٠ ، وثالث
حصیلتھ ٢٠٠٠٠٠ ، بل أغوى أحدھم ١١٢ من الرھبان .. وھا أنت قد عدت صفر الیدین، والأكثر من ذلك جئت
بما تسمیھ شقة خبز.. ثم تحكي لي حكایات لا أصل لھا ولا فصل.. انك في حقیقة الأمر ، تتسكع ولا تعمل، وھذا
ھو الذي جعل الفلاحین یشقون عصا الطاعة علیك.. مھلاً یا عزیزي.. سألقنك درساً لن تنساه.
شیطان الفلاحین: أتوسل إلیك ألا تأمر بعقابي، واسمح لي بكلمة أقولھا أولاً.. ان الشیاطین الآخرین حالھم أفضل
بكثیر سواء كانوا یتعاملون مع السادة أو التجار أو النساء.. فالأمر ھنا بسیط ولا یستغلق على أحد.. فما علیك إلا
أن ترمي الطعم.. قبعة من فراء السمور وضیعة.. لھذا السید أو ذلك حتى یقع في شباكك على الفور، وبعد ذلك لك
أن تسیره كیفما تشاء... وكذلك الحال بالنسبة للتاجر.. أره المال وحرك فیھ الحسد والحقد، وبعد ذلك سیره كما
تشاء، بل مكنك أن تقوده كمن یقاد بحبل أحاطت أنشوطتھ بعنقھ ولا یستطیع الافلات منھا. ولا یخفى الأمر كذلك
بالنسبة للنساء.. أغوِ المرأة بالملابس والحلوى، بعد ذلك تجدھا طوع یدیك.. أما الفلاحون، فلیس وراءھم سوى
التعب .كیف یمكن التغلغل إلى نفس الفلاح إذا كان یعمل من الصباح الباكر حتى اللیل، بل ویعمل في بعض
الأحیان باللیل كذلك، كما أنھ لا یبدأ عملھ إلا بذكر الله؟ أتوسل إلیك یا أبتي أن تعفیني من ھؤلاء الفلاحین، لقد
أعیاني التعامل معھم.. كما أنني أثرت سخطك عليّ..
كبیر الشیاطین: إنك تكذب أیھا الكسول.. لیس ھناك ما یدعو إلى ذكر الآخرین.. فإنھم لا یغوون التجار والسادة
والنساء إلا لأنھم یعرفون كیف یخاتلون، ویخترعون سبلاً جیددة في الایقاع بالناس.. وعلى سبیل المثال.. ھا ھو
شیطان موظفي المصالح الحكومیة یخترع مدخلاً جدیداً تماماً في تعاملاتھ.. وعلیك أن تخترع أنت الآخر سبیلاً
للسیطرة علیھم .. ھھ .. یا لھا من معجزة أن سرقت شقة خبز! والأدھى أنھ یفتخر بذلك! علیك أن تنثر علیھم
شباكاً متنوعة، وسیقعون حتماً في أي منھا.. ولكن بما أنك تلھو وتتسكع، وأطلقت لھم الحبل على الغارب، فانھم..
أي ھؤلاء الفلاحون المسئول عنھم أنت.. قد استشعروا القوة ، فجثموا على صدرك.. والأكثر من ذلك أنھم لم
یعودوا یبخلون بشقة الخبز.. وإذا حدث وتأصلت في نفوسھم ھذه العادة وعلموھا نساءھم فانھم، في ھذه الحال،
سیشقون عصا الطاعة كلیة.. علیك أن تفكر وتدبر حیلة ما للتعامل معھم.. علیك أن تخرج من مأزقك ھذا
بالطریق التي ترتئیھا.
شیطان الفلاحین: لا أدري ما الذي یمكن تدبیره من حیل؟ . أتوسل إلیك أن تعفیني من العمل مع الفلاحین.. لم أعد
أستطیع العمل معھم.
كبیر الشیاطین: (بغضب) ماذا تقول؟ لا تستطیع؟! أتعتقد أن أقوم أنا شخصیاً بدلاً منك؟ ھھ؟
شیطان الفلاحین: لا أستطیع العمل معھم..
كبیر الشیاطین: لا تستطیع؟ ! إذن انتظر !أحضروا السیاط وأجلدوه!
)یمسك الحراس الشیطان ویجلدونھ(
شیطان الفلاحین: آه ! .. آه ! .. آه.. !
كبیر الشیاطین: ھل توصلت إلى حیلة جدیدة أم لا؟
شیطان الفلاحین: آه.. ! آه .. ! لا أستطیع التوصل إلى شيء.
كبیر الشیاطین: استمروا في جلده!
)یجلدونھ(
ھا.. ھل توصلت إلى شيء ؟
شیطان الفلاحین: آه.. نعم .. توصلت .. توصلت!
كبیر الشیاطین: ھیا أخبرني بما توصلت إلیھ.
شیطان الفلاحین: لقد توصلت إلى وسیلة ستجعلني أحكم علیھم جمیعاً قبضتي، ولكن اسمح لي فقط أن أعمل
أجیراً لدى الفلاح.. ثم أنني لا أنوي الكشف عما سأفعلھ مسبقاً.
كبیر الشیاطین: لا بأس، ولكن علیك أن تتذكر دائماً وأبداً أنھ لو لم تستحق عن جدارة كسرة الخبز التي تأكلھا
خلال ثلاث سنوات، سأحمیك في الماء المقدس.*
شیطان الفلاحین: سیكونون جمیعاً تحت سیطرتي خلال ثلاث سنوات.
كبیر الشیاطین: حسناً.. بعد ثلاث سنوات سآتي لأرى بنفسي.
*یقصد أنھ سیسقطھ في الماء المقدس فیحرق على الفور .والماء المقدس یستخدم في الكنائس بعد غمس الصلیب فیھ ویعتقد أنھ یقي
الانسان من الشرور.
الفصل الثالث
المشھد الأول
)شونة. عربات محملة بالقمح(
)الشیطان في ھیئة عامل أجیر(
)یفرغ العامل القمح من العربة ویقوم الفلاح بتشوینھ بالمكیال(
العامل: ھذا ھو المكیال السابع.
الفلاح: وكم ربعاً ( 1) بلغنا الآن؟
العامل: (ینظر إلى العلامات المبینة على باب الشونة) لقد بلغنا ستة وعشرین ربعاً بالضبط، وھذا ھو المكیال
السابع من الربع السابع والعشرین.
الفلاح: لن تسعھا الشونة كلھا. لقد امتلأت عن آخرھا.
العامل: ذر القمح جیداً داخل الشونة فتتسع للمزید.
الفلاح: كلام سلیم.. (یدخل الشونة بالمكیال.(
المشھد الثاني
العامل: (وحده، یخلع قبعتھ فیبدو قرناه) لن یخرج الآن بسرعة.. ینبغي تعدیل القرنین لیستریحا بعضالشيء
(یفرد قرنیھ) ثم یجب خلع الحذاء كذلك، حیث من غیر الممكن القیام بذلك في وجوده (یخرج رجلیھ من الحذاء
فیظھر حافراه، یجلس على عتبة الشونة) ھا ھو العام القالق یمر، وتمضي الأحوال وفقاً للخط المرسوم..
محصول القمح یحجب عین الشمس بوفرتھ، ولم یبق سوى أن أعلمھ آخر ملعوب، وبعد ذلك لك أن تأتي یا كبیر
الشیاطین لترى بنفسك، فسوف یكون ھناك ما یستحق الرؤیة حقاً.. سأنتقم من الفلاح، وسیدفع ثمن تجاوزه عن
شقة الخبز غالیاً.
)یقترب أحد جیران الفلاح(
المشھد الثالث
)یخفي العامل قرنیھ(
الجار: السلام والتحیة!
العامل: ولك السلام والتحیة!
الجار: أین صاحب الدار؟
العامل : دخل الشونة لذر القمح لتسع المزید حیث ضاقت بالمحصول.
الجار: یا لنعیم صاحبك! لقد ضاق المكان بالتشوین.. الواقع أننا جمیعاً نتعجب لوفرة محصول القمیح لدى
صاحبك للعام الثاني على التوالي.. وكأن أحداً یوجھھ بارشاداتھ.. العام الماضي كان عام جفاف ، فزرع في أرض
المستنقع، ولم تنبت الأرضللناس شیئاً، أما لدیكم فقد امتلأ الجرن بالمحصول عن آخره.. أما صیف العام الحالي،
فقد جاء مطیراً.. وفي ھذه المرة زرع القمح في أراضي المرتفعات وكأنھ قرأ المستقبل.. وأصابت العفونة
محصول الناس نتیجة الرطوبة والحرارة، أما لدیكم ، فقد ناءت السنابل عن حمل الحبوب.. ناھیك عن الحبوب
نفسھا.. یا لھا من حبوب لا مثیل لھا! (ینفضحبوب القمح في یده ویضع بعضھا تحت أسنانھ دلیلا على إعجابھ
بھا.(
المشھد الرابع
الفلاح: (یخرج من الشونة بعد أن أفرغ المیكال ) أھلاً بك یا أخي!
الجار: طاب یومك!.. كنت أتحدث مع عاملك الآن في أنكم قد أحسنتم اختیار مكان الزرع ھذا العام.. الناس كلھم
یحسدونك.. یقولون.. یا لوفرة ما جمعھ من محصول.. ویا لجودتھ.. محصول لا یمكن أكلھ في عشر سنوات..
الفلاح: الفضل في ھذا یرجع إلى باتاب (یشیر إلى عاملھ) انھ ھو الحسن الحظ.. كنت قد أرسلتھ للحرث صیفاً،
فرأیت أنھ قد حرث أرضالمستنقع ..فنھرتھ على ذلك، ولكنھ أقنعني ببذر البذور ھناك، وبذرناھا، كان خیراً ما
فعلناه.. وفي العام الحالي أحسن كذلك اختیار الأرضوبذر البذور في أراضي المرتفعات..
الجار: یبدو أنھ یعلم على وجھ الدقة ما سیكون علیھ طقس ھذا العام أو ذاك.. یا لھ من محصول وفیر جمعتھ!
)فترة صمت(
الواقع أنني جئت في طلب ثمن( ٢) من الجودار. لقد نفد كل ما عندي منھ وسوف أرده لك في الصیف القادم.
الفلاح: لا مانع لدي.. خذ ما ترید.
العامل: (یكز الفلاحح وكزة خفیفة بكوعھ) لا تعطھ!
الفلاح: وھل ھذا أمر یستحق الكلام.. خذ ما ترید یا أخي.
الجار: شكراً.. سأسرع الآن لإحضار جوال.
العامل: (یدیر وجھھ ویحدث نفسھ) لا یزال على عادتھ القدیمة ھذه .. یعطي كل ما یطلب منھ.. لا یزال لا
یطیعني في كل الأمور بعد.. ولكن مھلاً .. سرعان ما یتوقف عن الاعطاء.
)یغادر الجار المكان(
المشھد الخامس
الفالح: (یجلس على عتبة الشونة) ما الذي یمنع إعطاء إنسان طیب ما یرید؟
العامل: یقول المثل.. الأخذ حلو والعطاء مر.. أن یعطي المرء فھذا أمر سھل، ولكن الصعب حقاً ھو أن یسترد ما
أعطى.. من یعطى الدیون كمن یلقي شیئاً من فوق جبل، أما من یستردھا فكمن یجذب حملاً لیرفعھ إلى أعلى
الجبل.. ھذه ھي الحكمة التي یرددھا من ھم أكبر منا سناً على ألسنتھم.
الفلاح: لا تعوقني عن فعل الخیر.. فالقمح كثیر.
العامل: وماذا في أنھ كثیر؟
الفلاح: انھ یكفي لا حتى المحصول الجدید فقط، بل یكفي عامین كاملین.. فما حاجتنا إلى كل ھذا؟
العامل: كیف.. "ما حاجتنا إلى كل ھذا"؟ فمن ھذا القمح .. الذي تقول ما حاجتنا إلیھ كلھ.. سأصنع لك شیئاً طیباً
لذیذاً یجعلك لا تعرف سوى البھجة طول حیاتك.
الفلاح: وما الذي ستصنع؟
العامل: سأصنع منھ شراباً.. شراب لو عدم المرء قوتھ، لزاده قوة.. ولو شعر بالجوع، لأشبعھ.. ولو لم یطرق
النوم جفنیھ، لنام على الفور.. ولو شعر بالملل، لأحس بنشوة المرح.. ولو شعر بالخجل، لنفخ فیھ الشجاعة.. ھذا
ھو الشراب الذي أنوي صنعھ.
الفلاح: إنك تكذب!
العامل: ھا ھو یعود إلى نغمة "تكذب" من جدید! إنك لم تصدقني كذلك حین نصحتك بزرع القمح في أرض
المستنقعات أولاً، ثم في أرضالمرتفعات بعد ذلك ..وستدرك حقیقة ما أقولھ بشأن الشراب كذلك.
الفلاح: ومم تنوي صنعھ؟
العامل: أمر في منتھى البساطة.. من ھذا القمح ولا شيء غیره.
الفلاح: ألن یكون ھذا إثماً؟
العامل: ھون علیك..! أي إثم ھنا؟.. فلقد وجد كل شيء في الحیاة من أجل بھجة الإنسان.
الفلاح: عجباً..! من أین لك یا باتاب بكل ھذا القدر من العقل والحكمة؟ ..!إني أنظر إلیك.. فأرى أنك رجل بسیط
محب للعمل، وأتعجب من أنك تعیش ھنا عامین، ولكنك لم تخلع حذاءك مرة واحدة.. ولا تھتم بنظافتك وھندامك
.. ورغم ذلك فإنك على علم بكل شيء.. كیف توصلت إلى كل ھذا؟
العامل: المثل یقول.. من یسر في الأرضیعرف الكثیر.. ولیس ھناك مكان لم أرتده..
الفلاح: تقول إن القوة تزداد منھ.. أقصد .. من ھذا الشراب؟
العامل: سترى ھذا بنفسك.. إنھ شراب كلھ فوائد.
الفلاح: وكیف سنصنعھ؟
العامل: إن صنعھ لیس معضلة ما دمت تعرف الطریقة. ولكن المھم إیجاد قزان وقدرین من حدید الزھر.
الفلاح: وھل طعم ھذا الشراب لذیذ.؟
العامل: حلو كالعسل.. إذا تذوقتھ مرة واحدة، فلن تفترق عنھ أبد الدھر.
الفلاح: وھل ھذا كلام یعقل؟ على العموم سأذھب إلى جاري، فإني أعلم أنھ كان لدیھ قزان.. لا مانع من التجربة.
ستار
1)الربع: مكیال روسي قدیم للحبوب یساوي حوالي ٢١٠ لترات. )
2)الثمن: مكیال روسي قدیم للحبوب حوالي ١٠٥ لترات. )
الفصل الرابع
المسرح عبارة عن مخزن دار الفلاح. في وسط المخزن یوجد على النار قزان ملطخ ذو صنبور وعلیھ قدر.
المشھد الأول
العامل: (یمسك بكوب تحت الصنبور. یشرب بعضاً من الخمر) ھھ.. یا صاحب الدار.. لقد أصبح الشراب جاھزاً
تماماً..
الفلاح: (یجلس القرفصاء وینظر) یا للعجب! لقد تمخضالعجین عن ماء.. لماذا تطلق الماء أولاً؟
العامل: إن ھذا لیس ماء.. بل ھو الشراب الذي حدثتك عنھ.
الفلاح: ھكذا.. لا لون لھ؟ كنت أعتقد أنھ سیكون أحمر اللون مثل البیرة، أما ھذا فلا یختلف في شيء عن الماء.
العامل: علیك أن تشم رائحتھ قبل أن تحكم علیھ.
الفلاح: (یشم الشراب) أوه. إنھ عطر الرائحة! أرني.. أرني.. كیف سیكون طعمھ في الفم.. أعطینھ لأتذوقھ.
(یحاول نزع الكوب من العامل(
العامل: مھلاً.. ستسكبھ (یغلق الصنبور، ویشرب قلیلاً من الكوب ثم یطقطق بلسانھ) لقد نضح كلیة..! ھا ..
اشرب.
الفلاح: (یرب قلیلاً في بادئ الأمر ثم یزید ویزید حتى یأتي على الكوب كلھ .یناولھ الكوب) أعطني مزیداً.. فمن
الصعب تذوق الطعم من القلیل..
العامل: (یضحك) أم ترید القول إنھ أعجبك؟ (یصب لھ المزید.(
الفلاح: (یشرب) یا لھ من شراب رائع! ینبغي استدعاء زوجتي.. یا ماریا.. ماریا أقدمي.. لقد جھز الشراب.. ھیا
أقدمي.. ھل ستقدمین أولا ؟
المشھد الثاني
)الفلاح، العامل، الزوجة، صبیة(
الزوجة: ھوه.. ماذا ترید؟ لماذا تصیح ھكذا؟
الفلاح: ھیا.. ھیا تذوقي ما قمنا بتقطیره (یناولھا) ھا شمي رائحتھ.
الزوجة: (تشم) انھ ذو رائحة حقاً! ورائحتھ طیبة!
الفلاح: ھیا اشربي!
الزوجة: ألن أصاب بسوء منھ؟
الفلاح: اشربي أیتھا الحمقاء!
الزوجة: (تشرب) یا لطعمھ اللذیذ كذلك!
الفلاح: (وقد ثمل بعضالشيء) إنھ لذیذ حقاً.. انتظري حتى ترین ما الذي سیحدث .. یقول باتاب أنھ یذھب بكل
ما یعاني الجسم من تعب، ویصبح الشاب عجوزاً.. لا.. لا.. أقصد یصبح العجوز شابا.. وھا أنا لم أشرب سوى
كوبین فقط، ولكن أشعر أن كل عظامي قد استوت في مكانھا (بنغمة من العجرفة) أترین؟ انتظري.. ما أن نشرب
( منھ أنا وأنت كل یوم حتى نعود إلى شبابنا. ھیھ.. یا عزیزتي ماشینكا! ( 1
)یحتضنھا(
الزوجة: (بدلال) دعك من ھذا! لقد ذھب الشراب بعقلك!
الفلاح: ألم أقل لك! كنت دائماً ترددین.. اننا نضیع القمح، أنا وباتاب، ھباء، والآن ھل ترین ما تفتق عنھ مھارة
أیدینا؟ ھل یمكنك أن تنكري أنھ شراب طیب؟ الحق أقول أم لا؟
الزوجة: وكیف لا یكون طیباً إذا كان یجعل من العجائز شباباً؟ ! انظر كیف أصبحت على ھذا القدر من المرح!
كما أن المرح بدأ یدب في نفسي أنا الأخرى .ھیا صاحبني في الغناء! إیھ.. إیھ.. إیھ .. (تغني(
الفلاح: حقاً.. حقا.. سنكون جمیعاً شباباً وسنصبح جمیعاً مرحین.
الزوجة: یجب دعوة حماتي، فإنھا لا تتوقف عن الشتم طول الوقت، فضلاً عن أنھا تشعر بالملل. یجب تحویلھا
إلى شابھ ھي الأخرى، وحین تصبح شابة، ستكون أطیب قلبا.
الفلاح: (وقد ثمل) ھیا ادعي أمي.. ادعیھا إلى ھنا. ماشكا.. أنت یا ماشكا !أسرعي واستدعي جدتك، واطلبي من
جدك أن یأتي كذلك.. قولي لھ أنني أطلب منھ أن ینزل من على الفرن.. لا أدري ما الذي یجعلھ یتقلب من جنب
إلى جنب على الفرن؟! سنجعل منھ شابا.. ھیا بسرعة.. بسرعة البرق.. ھیا إجري..
)تسرع الصبیة(
الفلاح: (مخاطباً زوجتھ) ھا.. ما رأیك في كوب آخر؟
)یصب العامل الشراب ویقدمھ لھما(
الفلاح: (یشرب) لقد أعاد الشراب الشباب لي من أعلى بادئاً بلساني أولاً، ثم امتد إلى یدي بعد ذلك، وأشعر الآن
أنھ وصل إلى رجلي.. أحس أن الشباب قد سرى في رجلي .. انظري.. انھما یتحركان وحدھما (یبدأ في الرقص.(
الزوجة: (تشرب وتخاطب العامل) ھا.. أیھا الأستاذ الماھر في صنعتھ.. یا باتابوشكا ( 2) ھیا اعزف لنا..
)یأخذ باتاب البلالیكا ( 3)ویبدأ في العزف . الفلاح وزوجتھ یرقصان(
العامل: (یعزف في مقدمة خشبة المسرح ویضحك، یغمز بعینھ مشیراً إلیھما، یتوقف عن العزف ورغم ذلك
یواصل الاثنان الرقص) ستدفع لي ثمن تجاوزك عن شقة الخبز غالیاً.. لقد وقعا الآن ولن یفلتا بحال من الأحوال..
والآن فلیر كبیر الشیاطین.
1)ماشینكا: اسم تدلیل من ماریا. )
2)اسم تدلیل من باتاب. )
3)البلالیكا: آلة موسیقیة وتریة شعبیة مثلثة الشكل. )
المشھد الثالث
)الفلاح، زوجتھ ، العامل، تدخل امرأة عجوز تبدو علیھا النضارة، ویدخل عجوز طاعن في السن أشیب شعر
الرأس والذقن تماماً(
العجوز: ما ھذا الذي تفعلانھ؟ ھل فقدتما عقلیكما؟ الناس یعملون، وھما ھنا یرقصان!
الزوجة: (ترقصوتصفق بیدیھا) ھھ.. ھھ.. ھھ! (تمط الكلام على شكل لحن) لقد أذنبت أمام الله.. والمعصوم من
الخطأ ھو الله!
المرأة العجوز: یا لك من امرأة سافلة! لم ترتب الفرن بعد، وأراھا ترقص!
الفلاح: مھلاً .. مھلاً یا أمي! أتدرین ما الذي یحدث ھنا؟! اننا نجعل من العجائز شباباً.. ھا خذي! ما علیك إلا أن
تشربي! (یناولھا كوباً(
المرأة العجوز: ذا كنت تقدم لي ماء، فالماء كثیر في البئر (تشم رائحة الشراب) ما الذي أضفتھ إلیھ؟ یا لھا من
رائحة طیبة!
الفلاح وزوجتھ: الشم وحده لا یكفي.. ھیا تذوقیھ!
المرأة العجوز: (تتذوق الشراب) لا یعلى علیھ! ولكن ألن أموت من ربھ؟
الزوجة: لا على الإطلاق، بل، على العكس من ذلك ، سیبعث الحیاة فیك وتصبحین شابة تماماً.
المرأة العجوز: عجباً.. ھل ھذا یعقل؟! (تشرب) یا لھ من شراب طیب! إنھ أفضل من البیرة.. والآن جاء دورك یا
أبي.. ھیا تذوقھ أنت كذلك.
)یجلس الجد ویھز رأسھ(
العامل: دعوه وشأنھ.. إني أرى تقدیم كوب آخر إلى الجدة (یقدم لھا كوباً.(
المرأة العجوز: لشد ما أخشى أن یحدث لي شيء! أوه.. إنھ یحرق الحلق.. ولكن النفس تتوق إلى المزید منھ.
الزوجة: اشربي .. وستشعرین كیف یسري في عروقك.
المرأة العجوز: یبدو أنھ لا مناصمن التجربة (تشرب الكوب.(
الزوجة: ھھ.. ھل وصل إلى الأرجل؟
المرأة العجوز: أشعر أنھ في طریقھ إلیھا.. ھا ھو.. ھنا.. أشعر أن خفة الحركة تشمل جسمي كلھ.. أعطوني
المزید! (تشرب كوباً آخر) .. رائع! الحق أنني أصبحت شابة تماماً.
الفلاح: ألم أقل لك ھذا؟
المرأة العجوز: یا للخسارة..! من المؤسف أن زوجي قد مات! أین ھو لیلقي عليّ نظرة واحدة ویرى شبابي الآن !
)العامل یعزف ویرقصالفلاح وزوجتھ(
المرأة العجوز: (تبرز إلى وسط خشبة المسرح) وھل ھكذا یكون الرقص؟ إني سأریكما الرقصعلى أصولھ
(ترقصھكذا.. خطوة ھنا وأخرى ھناك.. ھكذا .. أرأیتما؟
)یقترب الجد من القزان ویسكب الخمر على الأرض(
الفلاح: (یلاحظ ھذا فیندفع نحو الجد) ما ھذه الحماقة التي ارتكبتھا أیھا الشریر؟ یا لھ من خیر ھذا الذي ضیعتھ !
تباً لك یا شیخ السوء! (یدفعھ ویضع الكوب تحت القزان) یا للخسارة.. لقد ضیعتھ كلھ!
الجد: لیس ھذا خیراً.. إنھ شر.. لقد وھبك الله القمح لتطعم نفسك وتطعم الآخرین، ولكنك صنعت منھ شراباً
شیطانیاً.. لن یعود ھذا بالخیر على أحد بالمرة.. دعك من ھذا كلھ وإلا ستھلك أنت وتھلك الآخرین كذلك.. ھل
تعتقد أن ھذا شراب؟ لا.. إنھ نار.. نار ستحرقك (یأخذ عوداً مشتعلاً من تحت القزان ویشعل الخمر المسكوبة.(
)تشتعل الخمر المسكوبة ویسیطر الفزع على الجمیع(
ستار
الفصل الخامس
المشھد الأول
)دار الفلاح – العامل وحده بقرنیھ وحافریھ(
العامل: القمح موفور یحجب عین الشمس بكثرتھ.. وھا ھو الآن بدأ یشعر بلذة طعم الشراب وھا قد قمنا مرة
أخرى بتقطیر شراب جدید وصببناه في برمیل وأخفیناه عن أعین الناس.. لن نقدم الشراب للناس من الآن فصاعداً
( دون مقابل.. أما من نحتاج إلیھ منھم فسنسقیھ على الرحب والسعة، وھا أنا قد أوصیتھ بدعوة الشیوخ ( 1
المعروف عنھم أنھم یأكلون حقوق الناس ویسقیھم كي یفصلوا ملكیتھ عن ملكیة الجد لصالحھ، وبحیث یخرج الجد
صفر الیدین.. وھا قد انتھت المدة المحددة لي.. لقد انقضت ثلاث سنوات وأصبحت الأمور على خیر ما یرام
الآن، ولیأت كبیر الشیاطین لیرى بنفسھ، فلیس ھناك الآن ما أخجل من عرضھ علیھ.
المشھد الثاني
)یتنشق الأرضعن كبیر الشیاطین(
كبیر الشیاطین: ھا قد انتھت الملھة! فھل تستحق الآن كسرة الخبز التي تأكلھا؟ كنت قد وعدتك بالمجيء لرؤیة ما
تفعل بنفسي.. فھل أخضعت الفلاح لسلطانك؟
العامل: لقد أسلم لي القیادة تماماً.. ولك أن تحكم بنفسك، فانھم على وشك الاجتماع ھنا الآن.. ھیا ادخل الفرن
واتخذ منھا مخبأ لك، وانظر ما الذي سوف یفعلونھ .. اني على یقین من أنك ستجد ما یسرك.
كبیر الشیاطین: (یدخل الفرن) سوف نرى.
المشھد الثالث
)یدخل الفلاح صاحب الدار وأربعة من الشیوخ وخلفھم زوجة الفلاح. یجلس الرجال إلى المائدة وتقوم الزوجة
بإعداد المائدة للأكل وتضع علیھا الجلانطین ( 2)والشطائر. یحیي الشیوخ العامل(
الشیخ الأول: كیف الحال.. ھل أعددت كمیة كبیرة من الشراب مرة أخرى؟
العامل: لقد قطرنا منھ الكم المطلوب.. فالخیر كثیر ولا داعي أن یضیع عبثاً؟
الشیخ الثاني: وھل جاء شراباً طیباً؟
العامل: أحسن من المرة السابقة بكثیر.
الشیخ الثاني: وأین تعلمت ھذا؟
العامل: المثل یقول.. من یسر في الأرضیتعلم الكثیر.
الشیخ الثالث: ھذا صحیح.. صحیح.. انك واسع الخبرة.
الفلاح: تفضلوا!
)تقدم الزوجة الطعام لھم(
الزوجة: (تأتي بدورق وتصب الشراب منھ) تفضلوا!
الشیخ الأول: (یشرب) في صحتكم.. یا لھ من شراب طیب! لقد بدأ یسري في مفاصلي.. یا لھ من شراب عجیب!
)یشرب الشیوخ الثلاثة مثلھ الواحد تلو الآخر. یخرج كبیر الشیاطین من الفرن، ویقف العامل بجانبھ(
العامل: (مخاطباً كبیر الشیاطین (انظر ما الذي سیحدث الآن.. سأضع قدمي الآن أمام الزوجة لتتعثر وتسكب
الكوب.. وإذا كان لم یبخل بشقة الخبز آنذاك، فسترى كیف سیكون تصرفھ بسبب كوب صغیر من الخمر..
الفلاح: ھیا صبي لنا المزید.. بالدور.. أولاً، صبي للإشبین ( 3)، ثم بعد ذلك للعم میخائیل.
الزوجة: (تصب الخمر وتدور حول المائدة، یضع العامل قدمھ أمامھا فتتعثر ویسقط الكوب من یدھا) أخ .. یا
للمصیبة!.. لقد سكبت الكوب (مخاطبة العامل (أي شیطان جاء بك إلى ھنا ھذه اللحظة؟!
الفلاح: (صائحاً في زوجتھ) ما ھذا أیتھا الشیطانة الخرقاء! انك نفسك كمن لا ید لھا وتتھمین الآخرین بسوء
فعلتك!.. یا للخسارة! یا لھ من خیر ھذا الذي سكبتھ..
الزوجة: ولكن لم یكن ھذا عن قصد!
الفلاح: تقولین لم یكن عن قصد؟! سأقوم الآن وألقنك درسا في سكب الخمر على الأرض.. (صائحاً في العامل)
وأنت أیھا الملعون..! ما الذي یجعلك تتسكع بالقرب من المائدة؟! اذھب من ھنا إلى الشیطان!
)تصب الزوجة الخمر من جدید وتعود بھا لتقدمھا(
العامل: (یقترب من الفرن ویخاطب كبیر الشیاطین) أترى الآن.. لم یبخل بآخر شقة خبز لدیھ آنذاك، أما الآن فكاد
یضرب زوجتھ من أجل كوب صغیر من الشراب، وأرسلني إلى الشیطان.. أي إلیك.
كبیر الشیاطین: حسناً.. رائع.. رائع جداً.. لك مني الثناء!
العامل: مھلا.. مھلا.. دعھم یشربون الزجاجة كلھا وبعد ذلك انظر ما الذي سوف یحدث غیر ھذا. انھم الآن
یتبادلون كلاماً معسولاً ناعماً، وبعد لحظة سیبدأ كل منھم في تملق الآخر ویسیطر علیھم جمیعاً الدھاء والخبث
مثل الثعالب تماما.
الفلاح: ما العمل الآن أیھا الشیوخ المبجلون؟ كیف ستحكمون في أمري؟ كان جدي یعیش عندي وكنت أطعمھ.
نعم كنت أطعمھ.. ولكنھ انتقل الآن إلى عمي ویرید أن یأخذ نصیبھ من الدار ویعطیھ لعمي.. ولكم أن تحكموا بما
ھو أصلح ..انكم أناس أذكیاء.. فاننا بدونكم كأجساد دون عقل.. ولا یوجد في القریة كلھا من ھو أفضل منكم..
فلنأخذ مثلاً ایفان فیدوتش.. الكل یؤكدون ھنا أنھ كبیر القریة.. واني أقول لك الحق الآن یا ایفان فیدوتش..
إني أحبك أكثر من أبي وأمي.. أما میخائیل ستیبانیتش فھو صدیق قدیم.
الشیخ الأول: (مخاطباً صاحب الدار) یطیب دائماً الحدیث مع الأخیار من الناس، حیث یزداد المرء عقلاً.. وھكذا
الحال بالنسبة للحدیث معك.. الحقیقة ما من أحد في القریة یمكن مقارنتھ بك.
الشیخ الأول: إني أحبك لأنك ذو عقل وحفاوة.
الشیخ الثالث: اني أشعر نحوك بمودة تعجز الكلمات عن وصفھا.. ولقد كنت أتحدث الیوم مع زوجتي في ھذا.
الشیخ الرابع: انك صدیق حمیم.. نعم الصدیق.
العامل: (یكز كبیر الشیاطین بكوعھ) أترى؟ كلھم یكذبون.. ان كلاً منھم یسب الآخر ما أن یتفرقوا.. وھا ھم، كما
ترى الآن، یداھن كل منھم الآخر.. ھا ھم قد أصبحوا مثل الثعالب حین تھز أذیالھا.. وكل ھذا بسبب الشراب.
كبیر الشیاطین: شراب رائع! رائع جداً. طالما سیعملون الكذب على ھذا المنوال، فإنھم سیكونون تحت سیطرتنا
جمیعاً.. لقد أجدت فعلا.. اني أثني علیك.
العامل: مھلاً.. فلندعھم یشربون زجاجة أخرى. وعندئذ نرى ما الذي سوف یحدث.
الزوجة: (تقدم مزیداً من الشراب) كلوا واشربوا ھنیئاً مرئیاً!
الشیخ الأول: ألن یكون ھذا كثیراً؟.. في صحتكم! (یشرب) ان الشرب یطیب مع رجل متكامل الصفات.
الشیخ الثاني: من غیر الممكن الامتناع عن الشرب.. في صحتك یا صاحبح الدار وانت یا صاحبة الدار!
الشیخ الثالث: أیھا الأصدقاء الأعزاء! في صحتكم!
الشیخ الرابع: ھكذا یكون الشراب على أصولھ! اشربوا وامرحوا! سنفعل كل ما ترید لأن كلمتي ھي العلیا في كل
الأمور.
الشیخ الأول: تقول .. كلمتك ھي العلیا..؟! لیست الكلمة كلمتك.. أین إذن كلمة من ھم أكبر منك؟!
الشیخ الرابع: انھم أكبر مني حقاً، ولكنھم أقل عقلاً.. اذھب وأوجد لنفسك لعبة تناسبك والعب بھا!
الشیخ الثاني: لماذا تتفوه بمثل ھذا الكلام البذيء؟ یا لك من رجل أحمق حقا!
الشیخ الثالث: انھ یقول الحق.. فإن صاحب الدار لا یضیفنا من أجل سواد أعیننا. انھ في حاجة إلى أمر منا..
ویمكننا أن نحكم فیما یریده.. ولكن علیك یا صاحب الدار أن تضیفنا أكثر وأكثر، وأن تحیطنا بالمزید من التبجیل
والتكریم، لأنك في حاجة إلینا.. ولسنا نحن في حاجة إلیك.. قل لي من أنت؟ لست سوى أخ الخنزیر!
الفلاح: أنت ھو ھذا الخنزیر ولا أحد سواك.. لماذا تصیح بالشتائم؟ انظروا ..ألا ترون؟ انكم لا تعرفون سوى
التھام الطعام بشراھة وحسب.. ھذا كل ما تفعلونھ..
الشیخ الأول: ما الذي یجعلك تتعالى وتشمخ بأنفك معنا على ھذا النحو؟ سأقوم الآن وأعدل لك أنفك لیأخذ وضعھ
الصحیح.
الفلاح: لیس من المعروف من الذي سیفعل ھذا بالآخر.
الشیخ الثاني: ھذا ھو الذي یستوجب العجب حقاً! إلى الجحیم.. علیك اللعنة! لا أرید التحدث معك إني ذاھب.
الفلاح: (یمسك بھ كیلا یخرج) ما الذي یدعوك لتكدیر صفو الجماعة؟
الشیخ الثاني: دعني وشأني! دعني وإلا دققت عنقك!
الفلاح: لن أتركك..! ما الذي یبیح لك مخاطبتي بھذه اللحجة؟
الشیخ الثاني: الذي یبیح لي ھو ھذا..! (یضربھ.(
الفلاح: (مخاطباً المشایخ) احموني منھ.. قفوا بجانبي.. أدركوني!
)اشتباك بین الجمیع، وفجأة یتكلم الفلاح والشیوخ في آن واحد(
الشیخ الأول: إذن لأننا نش..ر..ب.. و.. نم.. ر.. ح!
الشیخ الثاني: اني قادر على كل شيء!
الشیخ الثالث: ھل من مزید من الشراب؟
الفلاح: (صائحاً في زوجتھ) أحضري زجاجة أخرى !
)یجلس الجمیع مرة أخرى إلى المائدة ویشربون(
العامل: (مخاطباً كبیر الشیاطین) أرأیت الآن؟.. لقد تأججت في عروقھم الآن دماء الذئاب.. لقد أصبحوا في
شراسة الذئاب.
كبیر الشیاطین: یا لھ من سراب رائع حقاً ! ثنائي لك!
العامل: مھلا .. مھلا .. فلیشربوا الزجاجة الثالثة ولنر ما الذي سیحدث غیر كل ھذا.
1)المقصود بالشیوخ أعضاء المجلس القروي الذي كان یتولى في روسیا قبل الثورة إدارة شئون القریة والحكم في المنازعات. وكان )
تعیین أعضاء المجلس القروي یتم بالانتخاب. وكان یرأس المجلس العمدة.
2)الجلانطین: طبق من مرق اللحم المركز بعد تسویة اللحم فترة طویلة وتركھ لیبرد حتى تتكون طبقة جیلاتینیة. )
3)الإشبین: الأب في العماد ویختار من بین الأصدقاء أو الجیران أثناء تعمید الطفل في الكنیسة لیكون أباً روحیاً لھ. وكان لھ فیما سبق )
منزلة وتأثیر الأب الحقیقي ولذا قدمھ الفلاح على الآخرین.
الفصل السادس
المسرح عبارة عن شارع في القریة. یجلس الشیوخ ناحیة الیمین على كتل خشبیة وبینھم الجد . في الوسط حلقة
من المغنین والراقصین من النساء والفتیات والشبان. تعزف موسیقى شعبیة راقصة ویرقصعلى أنغامھا من ھم
في الحلقة. یسمع ضجیج وصیحات الثمالى من دار الفلاح. یخرج منھا شیخ ویصیح صیاح السكارى ومن خلفھ
الفلاح الذي یعود بھ إلى الدار.
المشھد الأول
الجد : یا لھا من آثام ھذه! وبئس الآثام! ما الذي یحتاج إلیھ الإنسان؟ یعمل أیام العمل وحین یحل یوم العطلة..
یستحم، ویحسن ھندامھ ویستریح.. یجلس مع أفراد أسرتھ أو یخرج إلى ملتقى الشیوخ في الشارع حیث یناقش
الأمور العامة.. وإذا كان شاباً.. فلیمرح.. ما من غضاضة في ھذا.. ھا ھم یمرحون جیداً وبصورة تسر الأعین..
یمرحون طیباً شریفاًً..
(صیاح في دار الفلاح)
انظروا.. ما ھذا؟ أفعال تثیر الخجل وتسر الشیاطین.. وكل ھذا نتیجة الافراط في الشبع.
المشھد الثاني
( یخرج السكارى وھم یترنحون من الدار ویتجھون نحو حلقة الغناء والرقص، یتصایحون ویحاولون الامساك
بالفتیات)
الفتیات: ما ھذا یا عم كارب؟!.. دعك من ھذا..!
الشبان: فلنذھب من ھنا إلى الحارة.. فمن غیر الممكن المرح ھنا ..!
(یغادر الجمیع المكان عدا السكارى والجد ومن بجانبھ من الفلاحین)
الفلاح: (یتجھ نحو الجد ویخرج لھ لسانھ) ھا.. ھل نلت شیئاً؟ لقد وعدني الشیوخ بالحكم لي بكل شيء.. أما أنت
فنصیبك ھا ھو (یخرج لھ لسانھ)! ھا ھو نصیبك.. لقد حكموا باعطائي كل شيء.. أما أنت فلا شيء.. وھا ھم
على استعداد لقول ھذا أمامك.
(الشیوخ الأول والثاني والثالث والرابع في آن واحد)
الشیخ الأول: ولھذا أستطیع الحكم بالحقیقة كلھا.
الشیخ الثاني: إني قادر على جدال أي من الناس والفوز علیھ لأنني لست أقل من غیري في شيء.
الشیخ الثالث: یا صاحبي! یا صدیقي العزیز! یا أعز الأصدقاء!
الشیخ الرابع: البیت یدور.. والفرن یدور.. والدنیا تدور.. ھیا بنا نلف وندور.. فلنمرح!
( یمسك الشیوخ كل بذراع الآخر مكونین زوجین ، ویبدأون في السیر وھم یترنحون یخرج الزوج الأول، ثم یلیھ
الثاني. یتجھ الفلاح نحو داره، ولكنھ یتعثر ولا یصل إلیھا، حیث یسقط على الأرض، ویھمھم بشيء ما غیر
مفھوم، فجاءت ھمھمتھ شبیھة بنخیر الخنازیر. ینھضالجد ومن حولھ من الفلاحین ویغادرون المكان)
المشھد الثالث
( یدخل كبیر الشیاطین والعامل)
العامل: أرأیت؟ ھا قد أفصحت دماء الخنازیر عن نفسھا. لقد تحولوا من ذئاب إلى خنازیر ( یشیر إلى الفلاح) ھا
ھو یرقد الآن كذكر الخنزیر وسط القاورات وینخز.
كبیر الشیاطین: لقد أدیت مھمتك بكل جدارة! أصبحوا في بادئ الأمر مثل الثعالب، ثم تحولوا إلى ذئاب، وأخیراً
صاروا مثل الخنازیر.. نعم ھذا الشراب!.. ألا تخبرني كیف صنعت ھذا الشراب؟ لعلك مزجت فیھ دماء الثعالب
والذئاب والخنازیر.
العامل: لا.. لم أفعل أكثر من العمل على زیادة محصول القمح.. وحین كان محصول القمح یفي باحتیاجاتھ فقط،
لم یكن یبخل بشقة الخبز.. أما حین أصبح المحصول یحجب عین الشمس بوفرتھ، سرت في عروقھ دماء الثعالب
والذئاب والخنازیر.. لقد كانت دماء الوحوش كامنة أصلاً فیھ، ولكنھا لم تكن تجد متنفساً لھا.
كبیر الشیاطین: شاطر! لقد أحسنت حقاً واستحققت بذلك كسرة الخبز التي تأكلھا عن جدارة.. والآن المھم أن
یستمروا في شرب الخمر.. وسیكونون في أیدینا دائماً.
_ ستار _
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://skyfsarbst.7olm.org
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

اول من صنع الخمر روايا من لادب الروسي :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

اول من صنع الخمر روايا من لادب الروسي

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» المعطف من روائع لادب اروسي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Noor Rmoo :: فعاليات سكيف سربست وخورشيد :: قصص وروايات-
انتقل الى: